قال البزار: "لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا بهذا الإسناد" اهـ. وهذا إسنادٌ فيه: عبد المجيد بن أبي رواد، وهو ممن لا يقبل ما ينفرد به عندهم، ولذا قال الحافظ العراقي شيخ الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح إلا أن عبد المجيد بن أبي رواد وإن أخرج له مسلم ووثقه ابن معين والنسائي، فقد ضعفه بعضهم" فهذا هو التحقيق، وقد تفرد بهذه الزيادة "حياتي خير لكم ... ".
أما أول الحديث إن لله ملائكة ... الخ فهو محفوظ من حديث سفيان عن عبد الله بن السائب به، واتفق رواة الحديث عن سفيان على هذا القدر تم أتى عبد المجيد فتفرد عنهم بهذه الزيادة فهي شاذة ضعيفة كما يقتضيه التحقيق.
الثالث: لوثبت الحديث لم يكن فيه ما ادعاه صاحب المفاهيم من جواز التوسل بعموم استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته؛ لأن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته لأمته وسؤاله الله لهم أبلغ وأقطع من استغفاره بعد موته -إن ثبت-، وهذا السبب الذي كان موجوداً في حياته هو عين السبب الذي علق الحكم به بعد مماته، فلما لم يشرع هذا العمل وهو التوسل بالاستغفار العام مع قيام المقتضي له في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم علم أن إحداثه بدعة.
ويؤيد هذا أن خير القرون ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، لم يستعمل أحد منهم التوسل بهذا الطريق الذي اخترعه عشاق البدع، وهُجَّار السنن.
أقول: وتوسع صاحب المفاهيم على عادته بتمسكه بأدنى شبهة وأبعدها، فقال ص 173 أواخر كتابه حول الحديث: "الحديث صحيح لا مطعن فيه" اهـ، وهذا افتراء أو قلة علم؛ بل فيه مطعن كما قدمناه.
قال: وهو يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أعمالنا بعرضها عليه، ويستغفر الله لنا على ما فعلنا من سيئ وقبيح، وإذا كان كذلك فإنه يجوز لنا أن