وضع ص 61 عنواناً هو: "الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب لا ينكر التوسل".
أقول: تحليتك محمد بن عبد الوهاب بالشيخ الإمام: إما أن تكون اعترافاً بفضله قي تجديد أمر دين الإسلام، وإصلاحه وجهاده، وإما أن تكون عنيت بها وضعها اللغوي.
فإن أردت المعنى الأول فالشيخ قد أقام دعوته في محاربة أصناف الشرك الجلي والخفي، الأكبر منه والأصغر، وحارب وسائل الشرك التي تجر إليه مما حرمه الله ورسوله، ومن تأمل كتاب التوحيد ألفاه في فلك ما ذكر دائر، وعلى الصراط المستقيم سائر.
والشيخ -رحمه الله- جاهد في إرجاع الناس إلى دينهم الذي جاء به رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وجاهد في إقناعهم بأن ما يفعله بعض الناس في زمانه ويدّعونه إسلاماً هو عين ما عليه المشركون الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان كثير من المنتسبين إلى الدين في زمانه عبَّاداً للقبور: يدعون أصحاب القبور استقلالاً من دون الله، ويدعونهم مع الله طلباً للشفاعة منهم والقربى إلى الله زلفى، ويرجونهم دفع المضرات، ورفع المهلكات، وتفريج الكربات، كما قال الله عن أشباههم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] . ثم هم يقدمون لأولئك المقبورين أصناف القرابين والعبادات التي لا تكون إلا لله جل وعلا: كالذبح، والنذر، وهم يخضعون لأولئك المقبورين الميتين أعظم من خضعانهم في مساجد الله.
كانوا يستغيثون بالأموات، ويخافونهم خوف السر، ويحبونهم أشد من محبة الله، ويتقربون إليهم أكثر من تزلفهم إلى ربهم، بل نسوا ربهم