ثم ظهر من أثار الفتنة، وفرق المسلمين، وعكر صفو الأمة، وجعل الجماعة الواحدة جماعات: فمَنِ الأدعياء المتطفلون الذين فعلوا هذا؟ ! وجعلوا لا يفتؤون في الصد عن العقيدة التي كانت عليها هذه البلاد من التوحيد الخالص.
فهذا سهم ارتد عليك من جعبتك، وقول خشيت أن ترمى به فسارعت إلى الرمي به.
ثم نقول لك: من هو الذي يفرق الجماعة؟ ! أهو الذي يدعو إلى عقيدة التوحيد وإفراد الله بعبادة واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والاعتصام بالكتاب والسنة، حتى تكون الأمة جماعة واحدة معبودها واحد: وهو الله، وقدوتها واحد: هو محمد صلى الله عليه وسلم، ودليلها واحد، وهو الكتاب والسنة، وتحت راية واحدة هي راية التوحيد؟ ! ، أم الذي يدعو إلى التعلق بغير الله من الأولياء والصالحين، وإلى اتباع الطرق الصوفية المبتدعة وإلى الاستدلال بالأحاديث الموضوعة، والحكايات المكذوبة والمنامات الشيطانية مما تزخر به كتب القوم؟ ! {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنعام: 81] .
قال ص 33:
" وهذا ما حققه علماء الأصول من سلف هذه الأمة -رضي الله عنهم-: كالإمام العز بن عبد السلام، والنووي، والسيوطي، والمحلي، وابن حجر" اهـ.
أقول: مما ينبغي التنبيه عليه في هذا المقام أن لفظ السلف له إطلاقات:
منها: ما هو عامٌ كلي يُعنى به الصحابة والتابعون وتابعوهم، ثلاثةُ القرون المفضلة، وهذا المعنى هو الذي يصح عند إضافته إلى الأمة، كقولهم: سلف الأمة، وإلى هؤلاء وخاصة الصحابة ينسب السلفيون.