اسمع قول عائشة فيما أخرجه البخاري ومسلم في " صحيحيهما ": "ما رأيت أحداً أشد عليه الوجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
فالذي جر الكاتب إلى هذه المخالفة الظاهرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم هو الغلو المنهي عنه، فانظر بطلان دعواهم، وصحة دعوى المتبعين للسلف.
قال القاضي عياض -رحمه الله- في " شرح مسلم ": " وليعلم أنهم من البشر تصيبهم محن الدنيا، ويطرأ على أجسامهم ما يطرأ على أجسام البشر ليتيقن أنهم مخلوقون مربوبون، ولا يفتتن بما ظهر على أيديهم من المعجزات، ويلبس الشيطان من أمرهم ما لبسه على النصارى وغيرهم" اهـ.
قال ص 31:
" الأدعياء والمتطفلون على بساط الحقيقة كثيرون، والحقيقة بريئة منهم، ولا تعترف لهم بصحة نسبتهم إليها "، ثم قال: " ولقد بلينا معشر المسلمين بكثير من هؤلاء، يعكرون صفو الأمة ويفرقون بين الجماعات. . ."، ثم قال: "ويدخلون إلى تصحيح مفاهيم الإسلام من باب العقوق " اهـ.
أقول: لقد عاشت هذه البلاد السعودية منذ ضم الحجاز تحت لواء حكمها على عقيدة واحدة، ائتلف عليها جميع رعاياها في شتى أنحائها، لا تسوءُهم بدعة، ولا يؤرقهم عصيان وكفران، كلهم على كلمة واحدة، وجماعة واحدة، في صفوٍ من العيش، لا تفرقات ولا أحزاب إقليمية، متحابين، يصحح مصيبهم مخطاهم، ويسدده ويقيله عثرته، في ما تختلف فيه الأفهام، ويسوغ فيه الاجتهاد والنظر، وكانوا متفقين في الأصول، لا خلاف بينهم فيها، ولا جدال حولها، إذ قر قرارها، وأجمع المسلمون في هذه البلاد على ذلك، لا نعلم مخالفاً لهم بينهم.