هذه مفاهيمنا (صفحة 206)

" وكان مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد، وتلك الآثار للنبي صلى الله عليه وسلم، ما عدا قباء وأحداً" 1.

قال ابن وضاح: " فعليكم بالاتباع لأئمة الهدى المعروفين، فقد قال بعض من مضى: كم من أمرٍ هو اليوم معروف عند كثير من الناس كان منكراً عند من مضى، ومتحبب إليه بما يبغضه عليه، ومتقربٍ إليه بما يبعده منه، وكل بدعة عليها زينة وبهجة" اهـ.

فانظر إلى كلامه المتين: وكانت وفاة ابن وضاح سنة 286 هـ.

فالمقصود من هذا أن السلف سلف الأئمة كانوا ينكرون التبرك بالآثار المكانية، وينكرون تحريها والتعلق بها رجاء بركتها، ولم يخالف في ذلك إلا ابن عمر -رضي الله عنهما- فقد كان يتتبع الأماكن التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصلي حيث صلى، ونحو ذلك.

وما نقل نقل مصدق عن غير ابن عمر من الصحابة أنه كان يفعل مثل ما فعل ابن عمر في الآثار المكانيّة.

وابن عمر ما كان يطلب بركة المكان، ولكنه يطلب تمام الاقتداء بكل ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، حتى إنه أراد الصلاة في كل مكانٍ صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يتتبع ذلك ويعلمه، وما كان فعله -فيما يظهر- قصداً للتبرك بالبقعة كما يفهمه المتأخرون، وإنما قصد تمام الاقتداء، ولم يفعله غيره من صحابة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولم يوافقوه، بل إن أباه نهى الناس عن تتبع الآثار المكانية، وقوله مقدم على رأي ابنه عند الخلاف باتفاق، وهو خلاف لا يقوم في مقابلة اتفاق عمل الصحابة على ترك ما فعله ابن عمر -رضي الله عنه- ولا شك أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015