قد تعدت إلى هذا المكان، فيكون مباركاً يشرع التبرك به، ولذا لم يكن يفعل هذا صحابته في حياته ولا بعد مماته.
فما سار فيه رسول الله أو نزل فيه فلا يجوز التبرك به؛ لأن هذا وسيلة إلى تعظيم البقاع التي لم يشرع لنا تعظيمها، ووسيلة من وسائل الشرك، وما تتبع قوم آثار أنبيائهم إلا ضلوا وهلكوا.
قال المعرور بن سويد الأسدي؛ خرجت مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من مكة إلى المدينة، فلما أصبحنا صلى بنا الغداة، ثم رأى الناس يذهبون مذهباً، فقال: أين يذهب هؤلاء؟
قيل: يا أمير المؤمنين! مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هم يأتون يصلون فيه، فقال: إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا، يتبعون آثار أنبيائهم، فيتخذونها كنائس وبيعاً، من أدركته الصلاة في هذه المساجد فليصل، ومن لا فليمض، ولا يتعمّدها. أخرجه سعيد بن منصور في " سننه "، وابن أبي شيبة في " المصنف " (2/376) ، ومحدث الأندلس محمد بن وضاح القرطبي في " البدع والنهي عنها " ص 41، بإسناد صحيح.
فهذا قول الخليفة الراشد، الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله -عز وجل- جعل الحق على قلب عمر ولسانه " أخرجه أحمد (2/95) عن ابن عمر بإسنادٍ صحيح، ورواه من طريق أخرى عن ابن عمر (2/53) ، ورواه أحمد (5/145) ، وأبو داود (رقم2962) عن أبي ذر، ورواه أحمد (2/401) عن أبي هريرة ورواه جمعٌ1 عن هؤلاء وغيرهم من الصحابة.
ولا شك أن قول عمر السالف في النهي عن تتبع الآثار من الحق الذي جعله الله على لسان عمر رضي الله عنه. قال ابن وضاح رحمه الله ص43: