هذه مفاهيمنا (صفحة 207)

الصواب، والحق مع عمر -رضي الله عنه- وبقية الصحابة، وهو الحري بالاتباع، الفاصل عند النزاع، والله أعلم.

التبرك بذوات الصالحين:

قد تقدم أن بركة الذوات لا تكون إلا لمن نص الله على إعطائه البركة كالأنبياء والمرسلين وأما غيرهم من عباد الله الصالحين فبركتهم بركة عملٍ، أي: ناشئة عن علمهم وعملهم واتباعهم لا عن ذواتهم، ومن بركات الصالحين: دعاؤهم الناس إلى الخير ودعاؤهم لهم ونفعهم الخلق بالإحسان إليهم بنيةٍ صالحة ونحو هذا.

ومن آثار بركات أعمالهم ما يجلب الله من الخير بسببهم ويدفع من النقمة والعذاب العام ببركة إصلاحهم، كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117] .

وأما أن يعتقد أن ذواتهم مباركة، فيتمسح بهم، ويشرب سؤرهم وتقبل أيديهم للبركة دائماً ونحو ذلك، فهو ممنوع في غير الأنبياء لأوجه:

الأول: عدم مقاربة أحدٍ للنبي صلى الله عليه وسلم فكيف بالمساواة في البركة والفضل؟ !

الثاني: أنه لم يرد دليلُ شرعي يدل على أن غير النبي صلى الله عليه وسلم مثلُه في التبرك بأجزاء ذاته، فهو خاص به كغيره من خصائصه.

الثالث: ما قاله الشاطبي -رحمه الله- حين تعرض لقياس غير النبي عليه بجامع الولاية، قال في كتاب " الاعتصام " (2/6-7) : " إلا أنه عارضنا في ذلك أصل مقطوع به في متنه، مشكل في تنزيله، وهو أن الصحابة -رضي الله عنهم -لم يقع من أحدٍ منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه، إذ لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم بعده في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فهو كان خليفته، ولم يفعل به شيء من ذلك، ولا عمر رضي الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015