هذه مفاهيمنا (صفحة 196)

فصل

ويحتج بعض المبتدعة المخرفين بحديثٍ رواه مسلم في " الصحيح " (8/138) : عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم "1.

والجواب: أن يقال: إن الشيطان أيس بنفسه -ولم يُأَيَّس- لما رأى عز الإسلام في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وإقبال القبائل على الدخول في هذا الدين الذي أكرمهم الله به، فلما رأى ذلك يئس من أن يرجعوا إلى دين الشيطان، وأن يعبدوا الشيطان أي: يتخذوه مطاعاً.

وهذا كما أخبر الله عن الذين كفروا في قوله: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ} [المائدة: 3] فهم يئسوا أن يراجع المسلمون ما عليه المشركون من الدين الباطل القائم على اتخاذ الأنداد مع الله، وصرف العبودية إلى أشياء مع الله أو من دونه.

فلما رأى المشركون تمسك المسلمين بدينهم يئسوا من مراجعتهم، وكذا الشيطان يئس لما رأى عز المسلمين ودخولهم في الدين في أكثر نواحي جزيرة العرب.

والشيطان -لعنه الله- لا يعلم الغيب، ولا يعلم أنه ستحين له فرص يصد الناس بها عن الإسلام والتوحيد، وكانت أول أموره في صرف الناس لعبادته بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أطاعه أقوام وقبائل، فارتدت عن الإسلام إما بمنع الزكاة، أو باتباع مدعي النبوة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015