وأخرج مسلم (8/182) عن عائشة مرفوعاً: " لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى ".
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً، وإن عبادة اللات والعزى لكائنة.
قال ابن بطال في شرحه للبخاري: " هذا الحديث وما أشبهه ليس المراد به أن الدين ينقطع كله في جميع أقطار الأرض حتى لا يبقى منه شيء؛ لأنه ثبت أن الإسلام يبقى إلى قيام الساعة، إلا أنه يضعف ويعود غريباً كما بدأ " اهـ.
ففي هذه الأحاديث دليل على أن الأمة يكون فيها الشرك قبل قيام الساعة، وفي حديث ثوبان دليل واضح على وقوع الشرك في قبائل، وفي لفظ: " فئام" أي: جماعات كثيرة، وهناك قبائل من أمته على الحق ثابتون، فدل على أن هذا عند غربة الدين واشتداد ذلك، وهذا من علامات القيامة الصغرى التي تكون قبل قيام الساعة بأزمان مديدة، شأنها شأن سائر العلامات الصغرى التي تكون كما أخبر نبي الله صلى الله عليه وسلم من بعد موته إلى قرب قيام الساعة.
وهذه العلامات كثيرة في أحاديث مشهورة، ولحوق قبائل من أمته بالمشركين، وعبادة قبائل الأوثان من جنسها مما يكون شيئاً إلى قيام الساعة.
وحديث عبادة اللات والعزى وذي الخلصة تكون العبادة -وهو الظاهر- لها بأعيانها، وقد يكون أراد أجناسها مما يعبد من دون الله، والأول أليق لتعين حمل النص على ظاهره.