والعلاقات بين الأشياء المترتب بعضها على بعض، وهم عن الذي ربط بينها غافلون " اهـ.
أقول: هذا التفسير لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم بناه الكاتب على مفهوماته للتوحيد وهو توحيد الربوبية، وفسره تفسيراً لم ينقله عن عالم يركن إلى تفسيره وشرحه، ولا إلى إمام يحتذى حذو فهمه ويتابع عليه.
فإذا كان من عند نفسه فلا شك أنه لن يقبل ولن يصار إليه، والعجب منه كيف جُرُأته على تحريف مرادات رسول الله صلى الله عليه وسلم لنصرة هواه.
ومما يدل على بطلان ما فسره به:
أولاً: أن هذه الوصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس منقبة لابن عباس، ولو فسرت بما فسرها به الكاتب لكانت غير منقبة، إذ تفسيره يدل على أن المخاطب معه أدنى درجات الإيمان والتوحيد، فهو يحذر من الوقوع في براثن رؤية الأسباب، وحاشا ابن عباس -رضي الله عنه -عن ذلك.
الثاني: أن هذا الشرح خارج عما قاله الشراح من أهل العلم، وما كان كذلك فهو من الهوى إن لم يقم صاحبه عليه دليلاً صحيحاً نقلاً ونظراً، وهو مما ليس في قول الكاتب هنا، وأنى له ذلك.
قال الحافظ الفقيه ابن رجب في " شرح الأربعين " (2/228) : قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا سألت فأسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله" هذا منتزع من قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] ، فإن السؤال لله هو دعاؤه والرغبة إليه، والدعاء هو العبادة، كذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث النعمان بن بشير وتلا قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وخرج الترمذي من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم: " الدعاء مخ العبادة ".