هذه مفاهيمنا (صفحة 160)

فإنه ما من أحدٍ يعتاد دعاء الميت والاستغاثة به نبياً كان أو غير نبي إلا وقد بلغه من ذلك ما كان من أسباب ضلالة، كما أن الذين يدعونهم في مغيبهم ويستغيثون بهم فيرون من يكون في صورتهم، أو يظنون أنه في صورتهم، ويقول: أنا فلان، ويكلمهم ويقضي بعض حوائجهم، فإنهم يظنون أن الميت المتسغاث به هو الذي كلمهم وقضى مطلوبهم، وإنما هو من الجن والشياطين.

ومنهم من يقول: هو ملك من الملائكة، والملائكة لا تعين المشركين، وإنما هم شياطين أضلوهم عن سبيل الله، وفي مواضع الشرك من الوقائع والحكايات التي يعرفها من هنالك، ومن وقعت له ما يطول وصفه" اهـ.

فقَطْع الكاتب بأن أرواح الموتى تغيث من يستغيث بها، كالأحياء بل أشد وأعظم، من الشرك الذي خدعت الجن والشياطين به طوائف من الناس، فتقربوا إلى المقبورين، وإنما تقربوا في الحقيقة إلى شياطين الجن، فتشكلت لهم الجن وأرضوهم حيث أشركوا بهم، وهذا ما يريده إبليس اللعين، وقد أطاعه فيه عباد القبور، والمنافحون عنهم.

قال الكاتب ص96 شارحاً لمعنى حديث: " إذا سألت فأسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله " قال: " هذا الحديث الشريف ليس المقصود به النهي عن السؤال والاستغاثة بما سوى الله، كما يفيده ظاهر لفظه، وإنما المقصود به النهي عن الغفلة عن ما كان من الخير على يد الأسباب فهو من الله، والأمر بالانتباه إلى أن ما كان من نعمة على يد المخلوقات فهو من الله وبالله.

فالمعنى: وإذا أردت الاستغاثة بأحد من المخلوقين -ولابد لك منها- فاجعل كل اعتمادك على الله وحده، ولا تحجبنك الأسباب عن رؤية المسبب -جل جلاله- ولا تكن ممن يعلمون ظاهراً من هذه الارتباطات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015