هذه مفاهيمنا (صفحة 162)

فتضمن هذا الكلام أن يسأل الله عز وجل، ولا يسأل غيره، وأن يستعان بالله دون غيره، فأما السؤال فقد أمر الله بمسألته فقال: {وَاسْأَلُواْ اللهَ مِن فَضْلِهِ} [النساء: 32] ، وفي الترمذي عن ابن مسعود مرفوعاً: "سلوا الله من فضله، فإن الله يحب أن يسأل "، وفيه أيضاً عن أبي هريرة مرفوعاً: "من لا يسأل الله يغضب عليه "، وفي حديث آخر: " ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها، حتى يسأل شسع نعله إذا انقطع ".

وفي النهي عن مسألة المخلوقين أحاديث كثيرة صحيحة، وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه على أن لا يسألوا الناس شيئاً منهم: أبو بكر الصديق وأبو ذر وثوبان، وكان أحدهم يسقط سوطه أو خطام ناقته فلا يسأل أحداً أن يناوله إياه".

ثم قال ابن رجب: " واعلم أن سؤال الله عز وجل دون خلقه هو المتعين؛ لأن السؤال فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعتراف بقدرة المسؤول على دفع هذا الضرر ونيل المطلوب، وجلب المنافع ودرء المضار.

ولا يصح الذل والافتقار إلا لله وحده لأنه حقيقة العبادة، وكان الإمام أحمد يقول: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك فصنه عن المسألة لغيرك " انتهى كلام ابن رجب.

وقال ابن حجر الهيتمي المكي في " الفتح المبين شرح الأربعين " (ص172) : " فمع النظر لذلك لا فائدة لسؤال الخلق مع التعويل عليهم فإن قلوبهم كلها بيد الله سبحانه وتعالى، ويصرفها على حسب إرادته، فوجب أن لا يعتمد في أمر من الأمور إلا عليه سبحانه وتعالى، فإنه المعطي المانع، لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، له الخلق وله الأمر. . . ثم قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015