قال ص 44:"ومحل الخلاف في مسألة التوسل هو التوسل بغير عمل المتوسل، كالتوسل بالذوات والأشخاص، بأن يقول: اللهم! إني أتوسل إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم، أو أتوسل إليك بأبي بكر الصديق، أو بعمر بن الخطاب، أو بعثمان أو بعلي رضي الله عنهم".
أقول: الواجب عند الاختلاف الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفهم أصحابه الكرام رضى الله عنهم، كما قال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً} [النساء 115] .
ومسألة التوسل بالذوات، وكذا التوسل بأعمال من انقضى سعيهم، لا خلاف عند السلف من الصحابة والتابعين أنها ليست من الدين، ولا هي سائغة في الدعاء.
وبرهان ذلك أنه لم ينقل عن واحدٍ منهم بنقل صحيح مصدق أنه توسل بأحد الخلفاء الأربعة أو العشرة أو البدريين.
والعمل على وفق ما فهموه هو المنجي كما فُضِّل في "السلف والسلفية" من هذا الكتاب، ومن ابتغى نهجاً جديداً فهو الخَلَفي، وليس له حظ منهم. إذا تقرر هذا، فالتوسل بالذوات ونحو ذلك ممنوع لأوجه:
الأول: أنه بدعة لم تكن معروفة عند الصحابة والتابعين، وكل بدعة ضلالة، وليس على الله أكرم من الدعاء، وفي الحديث: "الدعاء هو العبادة" أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما بإسناد صحيحعن النعمان ابن بشير. فإذا كان عبادة بل هو العبادة فإحداث أمرٍ في العبادة مردودٌ باتفاق العلماء.