هذه مفاهيمنا (صفحة 15)

الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة 104] فقد كانت يهود تستعمل "راعنا" للسب، والمسلمون حين قالوها لا يَشْركونهم في ما عقدت قلوبهم عليه من تفسير اللفظ، ومن اليقين أن الصحابة لم يقولوا اللفظ وهم يعنون المعنى الفاسد، فهذه من أقوى القرائن القلبية، ومع هذا نهوا عن ذلك.

قال القرطبي في "تفسيره " (75/2) :

"في هذه الآية دليلان: أحدهما: على تجنب الألفاظ المحتملة التي فيها التعريض للتنقيص والغض.

الدليل الثاني: التمسك بسد الذرائع وحمايتها" انتهى.

وقال الجصاص في "أحكام القرآن" (1/58) : "وقوله {رَاعِنَا} ، وإن كان يحتمل المراعاة والانتظار، فإنه لما احتمل الهزء على النحو الذي كانت اليهود تطلقه نهوا عن إطلاقه، لما فيه من احتمال المعنى المحظور اطلاقه، وجائز في اللغة أن يكون الإطلاق مقتضياً لمعنى الهزء وإن احتمل الانتظار، ومثله موجود في اللغة ... " انتهى كلام الجصاص.

فتأمل كيف أن الصحابة استعملوا هذا اللفظ وهم أبعد الناس عن إرادة معنى الهزء والتنقص، فنهاهم الله تعالى عن ذلك اللفظ لما فيه من الاشتراك، ولم يكفِ في تجويز استعماله ما قام بقلوبهم ونياتهم من المعنى الخيّر الصحيح، وهذا جلي لمن تجرد!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015