الثالث: أن قوله: " لم يرد نص" غير صحيح، فعمومات النصوص تنهى عن طلب الشفاعة من الأموات؛ لأنهم أفضوا إلى ما قدموا، فتأمل قوله: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ} [يونس: 18] والدعاء هو العبادة، والشفاعة طلب الدعاء، فعلم أن قولهم {هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا} تفسير لـ {وَيَعْبُدُونَ} في أول الآية.
وهنا نقلٌ أسوقه عن الرازي1 ليستبين به الحال، وأن لا يقال إن هذا فهم (الوهابيين) فقط! قال في " تفسيره " (17/59-60) : " اختلفوا في أنهم كيف قالوا في الأصنام إنهم شفعاؤنا عن الله! . . " فذكر صوراً منها قوله:
" ورابعها: أنهم وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم، وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى.
ونظيره في هذا الزمان: اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر، على اعتقادهم أنهم إذا عظموا قبورهم فإنهم يكونون لهم شفعاء عند الله" اهـ.
وهو كلام يقضي على قول صاحب المفاهيم من أُسَّه، حتى يواري كلامه في رمسه، من رجل هو عندهم مقدم في قوله وحسه.
والآيات في الشفاعة الشركية كثيرة، نوَّعَها الله جل وعلا في كتابه؛ ليتدبر باغي الخير، متحري الصراط المستقيم.
وهو إخبار عن قوم مشركين كي نبعد عن حالهم وصفتهم، وسياقة الآيات كلها وأقوال أهل التفسير والعلم فيها يخرج بي عن قصد الاختصار