والإيجاز، وقد قدمت طرفاً منها، ويرجع المستزيد لأقوال المفسرين وأهل العلم عند آيات الشفاعة.
الرابع: قال تعالى في سورة سبأ: {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 23] ، والآية قبلها قوله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 22، 23] .
فأبطل تعالى صور الشرك التي يعتقدها المشركون في كل زمان، وهذه الآية قال فيها بعض أهل العلم المتقدمين: هذه الآية تقطع عروق شجرة الشرك لمن عقلها.
قال الرازي في " تفسيره " (25/254-255) : " واعلم أن المذاهب المفضية إلى الشرك أربعة. . " فذكر ثلاثة ثم قال: " رابعها: قول من قال: إنا نعبد الأصنام التي هي صور الملائكة ليشفعوا لنا، فقال تعالى في إبطال قولهم: {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 23] ، فلا فائدة لعبادتكم غير الله، فإن الله لا يأذن في الشفاعة لمن يعبد غيره، فبطلبكم الشفاعة تفوتون على أنفسكم الشفاعة" اهـ كلام الرازي بحروفه.
فتأمل قوله: إن من طلب الشفاعة فوت على نفسه الشفاعة التي تكون يوم القيامة؛ لأنها لا تنال إلا بالتوحيد، ومن التوحيد ترك طلب الشفاعة من المقبورين، سواء كانوا أنبياء أو صالحين وإنما تطلب شفاعة الأنبياء من الله سبحانه لا منهم، وتطلب من الله بتحقيق التوحيد والاستقامة عليه، وترك طلب الشفاعة ممن لا يملكها.