[هود: 45، 46] فسأل نوح ربه الشفاعة في ابنه فلم يعطها؛ لأنه فقد شرط الرضى على الابن، ولذا قال: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} .
وهذا إبراهيم خليل الله لم تنفع شفاعته في أبيه، وأمثال هذا معلوم لمن تدبر القرآن والسنة، مقرر فيهما أوضح تقرير وأبلغه، فإذا انتفى هذا عن الأنبياء، فالصالحون أولى وأولى.
وبعض الخلوف الجهال يظنون أن للأنبياء حقاً عند ربهم لا يرد، ولا يعلمون بهذه الآيات والأحاديث، وذلك من تسويل الشيطان وتلاعبه بهم.
قال ابن جرير في تفسير آية البقرة: {وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ} [البقرة: 123] : " فتأويل الآية إذًا: واتقوا يوماً لا تقضي نفس عن نفس حقاً لزمها الله -جل ثناؤه- ولا لغيره، ولا يقبل الله منها شفاعة شافع، فيترك لها ما لزمها من حق.
وقيل: إن الله -عز وجل- خاطب أهل هذه الآية بما خاطبهم بها فيها؛ لأنهم كانوا من يهود بني إسرائيل، وكانوا يقولون: نحن أبناؤ الله وأحباؤه وأولاد أنبيائه، وسيشفع لنا عنده آباؤنا، فأخبرهم الله -عز وجل- أن نفساً لا تجزي عن نفس شيئاً في القيامة، ولا يقبل منها شفاعةُ أحدٍ فيها، حتى يستوفي لكل ذي حق منها حقه" 1 انتهى.
والطائفة الثانية من الآيات أفادت إثبات الشفاعة، وهي الشفاعة الشرعية المخالفة لما عليه المشركون. وأخبر الله -تعالى- أنها لا تنفع إلا بشرطين:
الأول: إذنه سبحانه للشافع أن يشفع.
الثاني: رضاه سبحانه عن المشفوع له.