وأورد الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " قول بعض شراح المصابيح: " اعلم أن جميع دعوات الأنبياء مستجابة " فتعقبه بقوله (11/97) : "وأما جزمه بأن جميع أدعيتهم مستجابة فيه غفلة عن الحديث الصحيح: سألت الله ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعنى واحدة. . الحديث" انتهى كلام الحافظ1.
وأخرج البخاري (11/96) ومسلم (1/130-132) عن أبي هريرة وأنس بن مالك ومسلم نحوه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها، وأريد أن أختبىء دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة"، هذا لفظ نسخة الأعرج عن أبي هريرة.
قال الحافظ في " الفتح ": "وقد استشكل ظاهر الحديث بما وقع لكثير من الأنبياء من الدعوات المجابة ولا سيما نبينا صلى الله عليه وسلم، وظاهره أن لكل نبي دعوة مستجابة فقط، والجواب: أن المراد بالإجابة في الدعوة المذكورة القطع بها، وما عدا ذلك من دعواتهم فهو على رجاء الإجابة " اهـ.
وعلى هذا جرى أهل العلم وشراح الحديث، وقال الكَرْماني في " شرح البخاري " (22/122) عند شرح الحديث: " معناه لكل نبي دعوة مجابة البتة، وهو على يقين من إجابتها، وأما باقي دعواتهم فهو على رجاء إجابتها، وبعضها يجاب وبعضها لا يجاب" انتهى.
وكذلك غيره من الأنبياء لهم دعوة مستجابة، وما كل ما دعوا به أجيب، فهذا نوح قال: {رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}