إما أنه قد سبق في القضاء ما يخالف ما دعوا به، أو لأنهم دعوا وشفعوا فيمن لم يرض الله قوله، أو نحو ذلك من الموانع.
ومن المتقرر في الكتاب والسنة أن الأنبياء ليس لهم حق في أن يجاب جميع ما دعوا به، ودعاؤهم حري بالإجابة وهم أرفع من غيرهم من أممهم، فإجابة سؤالهم إما إعطاؤهم عين ما سألوا، أو تأخير ذلك بالأجر الجزيل لهم.
وقد يستنكر بعض الناس هذا لكونه لم يرتو من علوم الكتاب والسنة، ولم يتفقه فيها، ولذا سأسوق بعض الدلائل لعلّها تكُفُّ بعض الناس، وتبصر أقواماً:
فرسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال الله له: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 80] ، فرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم -وهو خير الخلق وأعظمهم قدراً عند الله- لو استغفر لأولئك المنافقين لم يغفر لهم، وذلك لوجود مانع يمنع الإجابة، وهو أن المُسْتَغْفَر له غير مرضي عنه، فشرط الرضى غير متحقق في المشفوع له؛ فلم يُجب الداعي فيما سأل، وفي الآية بيان لهذا بقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ} ، وقد تمتنع إجابة الله للرسول صلى الله عليه وسلم لحكمة يعلمها الله -جل وعلا-، كما في الحديث الذي أخرجه مسلم في " صحيحه " (8/171-172) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سألت ربي ثلاثاً فأعطاني ثنتين، ومنعني واحدة: سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها".