واسطة، لا شرك خلق وإيجاد، أشركوا شرك تسبب لا شرك استقلال، فلماذا لا نتبع ما قال الله وندع قول أحفاد اليونان من أهل الكلام؟ !
إنها فتنة عظيمة شديدة عسى الله أن يخرج أقواماً منها، قال تعالى إخباراً عن أهل النار: {قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ} [الشعراء: 96-100] ، فتأمل قوله تعالى حق التأمل وتدبره، واجمع بينه وبين قوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: 25] ، {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87] تعلم من ذلك أمرين:
الأول: أن تسوية المشركين معبوديهم برب العالمين لم تكن في الخلق والإيجاد، بل سووهم برب العالمين في التوجه والعبادة.
فحق الله أن لا يتوجه بطلب الغفران ورفع الدرجات والعطاء والرحمة إلا منه. وهم توجهوا بطلب الغفران والعفو وطلب الخير من أصنامهم الممثلة على صور الصالحين، وكان شعارهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] ، وكذا قولهم: {وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَاعِندَ اللهِ} [يونس: 18] .
فتبين باليقين القاطع أن تسويتهم معبوداتهم برب العالمين، إنما هي في المحبة والتعظيم والتوجه والقصد، وطلب الشفاعة والواسطة.
فالقرآن حق كله، وأحسن وأعلى وأغلى ما فسر به القرآن القرآن.
الثاني: أن اتخاذ الشفعاء ودعاء المقبورين طلباً لشفاعتهم شرك وهو عين شرك الجاهلين، وشركهم كان في الألوهية في التسوية بين الله وبين خلقه في التوجه والقصد طلباً للشفاعة والدعاء والتسبب، وقول صاحب