وكلماته في هذه المسألة مما يأنف أن يقوله طالبُ علم، بل لا يقوله إلا من في قلبه زغل وفتنة، وشرك وبدعة.
يقول الله تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِيمَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3] ، هذه الآية بتمامها، أسيقت لقولٍ غير جاد؟ سبحان الله من هذا الافتراء المحض! ! الذي خالف أقوال أهل العلم جميعاً، ولم يقل به أحداً من المفسرين هذا الذي فهمه صاحب المفاهيم.
قال الفخر الرازي في " تفسيره " (26/241) :
"واعلم! أن الضمير في قوله: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] عائد على الأشياء التي عبدت من دون الله، وهي قسمان: العقلاء، وغير العقلاء، أما العقلاء: فهو أن قوماً عبدوا المسيح وعزيراً والملائكة، وكثير من الناس يعبدون الشمس والقمر والنجوم، ويعتقدون فيها أنها أحياء عاقلة ناطقة، وأما الأشياء التي عبدت مع أنها ليست موصوفة بالحياة والعقل فهي الأصنام. إذا عرفت هذا فتقول: الكلام الذي ذكره الكفار لائقٌ بالعقلاء، أما بغير العقلاء فلا يليق، وبيانه من وجهين:
الأول: أن الضمير في قوله: {مَا نَعْبُدُهُمْ} ضمير للعقلاء، فلا يليق بالأصنام.
الثاني: أنه لا يبعد أن يعتقد أولئك الكفار في المسيح والعزير والملائكة أن يشفعوا لهم عند الله، أما يبعدُ من العاقل أن يعتقد في الأصنام والجمادات أنها تقربه إلى الله؟ . . . " اهـ.