فصل
قال صاحب المفاهيم ص26 معنوناً: "الواسطة الشركية"، ذكر قوله تعالى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] فقال: " هذه الآية صريحة في الإنكار على المشركين عبادتهم للأصنام واتخاذها آلهة من دونه تعالى، وإشراكهم إياها في دعوى الربوبية على أن عبادتهم لها تقربهم إلى الله زلفى.
فكفرهم وشركهم من حيث عبادتهم لها ومن حيث اعتقادهم أنها أرباب من دون الله. وهنا مهمة لا بد من بيانها وهي أن هذه الآية تشهد بأن أولئك المشركين ما كانوا جادّين فيما يحكي ربنا عنهم" اهـ.
أقول: حوى هذا الكلام على مسألتين:
الأولى: أن كفار العرب ومشركيهم يعتقدون أن أصنامهم أرباب من دون الله، تخلق وترزق، وهذه تخالف صريح القرآن فيما حكاه عنهم.
الثانية: أن قولهم فيما حكى الله عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] ، لم يقولوه على سبيل الجد، فيما حكاه الله عنهم، وهذه المسألة الثانية من عجائب الأقوال، وغرائب المخترعات، مما سبق به كتاب " المفاهيم " غيره، وبزّه! ! فالله يحكي عن المشركين قولاً يبني عليه حكماً وعند هذا أنهم غير جادين، وكأن الله حكى عنهم غير عالم أنهم ليسوا جادين، أفتراه يحكي هزلاً، والقرآن فصل؟ ! {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} [الطارق: 13، 14] .