ويصير التقدير: أوفوا بالعقود في حال انتفاء كونكم محلي الصيد وأنتم حرم فإذا لم توجد هذه الحال فلا توفوا بالعقود. اهـ
وقال الشيخ سعد الدين: لا يخفى أن قول الأخفش أقرب معنى وإن كان أبعد لفظاً، وذلك لأن جعله حالاً من ضمير (لكم) إنما يصح إذا أريد ببهيمة الأنعام الظباء، وإذا أريد الأنعام المستثنى منها البعض ففي جعله حالاً من ضمير (لَكُم) تقييد للإحلال بهذه الحال وليس كذلك.
قال: ويمكن دفعه بأنَّ المراد بالأنعام أعم من الإنسي والوحشي مجازاً أو تغليباً أو دلالة أو كيف ما شئت، وإحلالها على عمومها مختص بحال كونكم غير محلين للصيد في الإحرام إذ معه تحريم البعض وهو الوحشي.
قال: ومنهم من جعله حالاً من فاعل أحللنا المدلول عليه بقوله (أُحِلَّتْ لَكُمْ) ويستلزم جعل (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) أيضاً حالاً من مقدر أي: حال كوننا غير محلين الصيد لكم في حال إحرامكم.
قال: وليس ببعيد إلا من جهة انتصاب حالين متداخلين من غير ظهور ذي الحال في اللفظ. اهـ
وقال أبو حيان: جعل بعضهم صاحبَ الحالِ الفاعلَ المحذوف من (أُحِلَّتْ) المقام مقامه المفعول وهو الله تعالى، وهو فاسد لأنهم نصوا على أنَّ الفاعل المحذوف في مثل هذا يصير نسياً منسياً فلا يجوز وقوع الحال منه، وجعله بعضهم الضمير المجرور في (عَلَيكمْ) ويرده أن الذي (يُتلَى عَلَيكمْ) لا يتقيد بحال انتفاء إحلالهم الصيد وهم حرم بل هو يتلى عليكم في هذه الحال وفي غيرها.
ونقل القرطبي عن البصريين أن قوله (إِلاّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) استثناء من (بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ)، وقوله (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) استثناء مما يليه وهو الاستثناء، وأبطله بأنه يلزم عليه إباحة الصيد في الحرم لأنه مستثنى من الجرم الذي هو مستثنى من الإباحة.
قال ابن عطية: قد خلط الناس في هذا الموضع في نصب (غَيْرَ)، وقدروا تقديرات