قوله: (إلا محرم ما يتلى عليكم بقوله (حرمت عليكم الميتة)، أو إلا ما يتلى عليكم تحريمه).
قال الطَّيبي: إنما قدر ذلك لأنه لا بد من المناسبة بين المستثنى والمستثنى منه في الاتصال، فلا يستقيم استثناء الآيات من البهيمة فيقدر إما المضاف كما يقال: إلا محرم ما يتلى عليكم أي: الذي حرمه المتلو، وإما الفاعل بأن يقال: إلا البهيمة التي يتلى عليكم آية تحريمها، ثم حذف المضاف الذي هو آية وأقيم المضاف إليه مقامه وهو تحريمه، ثم حذف المضاف ثانياً وأقيم المضمر المجرور مقامه فانقلب الضمير مرفوعاً واستتر في (يُتلَى) وعاد إلى (ما). قال أبو البقاء: (إِلاّ مَا يتلَى عَلَيكُم) استثناء متصل والتقدير: أحلت لكم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إلا الميتة وما أهل لغير الله به مما ذكره في الآية الثالثة من السورة. اهـ
ولخصه الشيخ سعد الدين فقال: يعني إن (مَا يُتلَى) استثناء متصل من (بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ) وليس من جنسها، لأن المتلو لفظ فحاول جعل المستثنى من جنس المستثنى منه بتقدير مضاف محذوف من (مَا يُتلى) يكون عبارة عن البهائم المحرمة، أو من فاعل (يُتلَى) أي: يتلى تحريمه ليكون (مَا) عبارة عن البهيمة المحرمة لا عن اللفظ المتلو. اهـ
قوله: ((غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) حال من الضمير فى (لكم)).
قال أبو حيان: هو قول الجمهور، وهو مردود إذ يصير المعنى: أحلت لكم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ في حال انتفاء كونكم محلي الصيد وأنتم حرم، وهم قد أحلت لهم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ في هذه الحال وفي غيرها من الأحوال إذا أريد بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ أنفسها، وإذا أريد بها الظباء وبقر الوحش وحمره فيكون المعنى: وأحل لكم هذه في حال انتفاء كونكم تحلون الصيد وأنتم حرم، وهذا تركيب قلق معقد ينزه القرآن أن يأتي فيه مثل هذا، ولو أريد هذا المعنى لجاء على أفصح تركيب وأحسنه.
قال: والقول بأنه من واو (أَوْفُوا) قول الأخفش وفيه الفصل بين الحال وصاحبها بجملة غير اعتراضية بل هي منشئة أحكاماً وذلك لا يجوز، وفيه أيضاً تقييد الإيفاء بالعقود بانتفاء إحلال الموفين الصيد وهم حرم، وهم يؤمرون بإيفاء العقود بغير قيد