ويذكر نموذجاً من مجانبته الراء إذ يقول: وكان واصل بن عطاء قبيح اللغة شنيعها، وكان طويل العنق جداً، ولذلك قال بشار الأعمى:
مالي أشابع غزالا له عنق ... كنقنقِ الدوَّ إن ولى وإن مثلا
عنقَ الزرافة ما بالي وبالكم ... أتكفرون رجالاً أكفروا رجلا
فلما هجا واصلا وصوب رأي إبليس في تقديم النار على الطين، وقال:
الأرض مظلمة والنار مشرقة ... والنار معبودة مذ كانت النار
وجعل واصلاً غزالاً، وزعم أن جميع المسلمين كفروا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقيل له: وعلي أيضاً؟ فأنشد:
وما دون الثلاثة أمَّ عمرو ... بصاحبك الذي لا تصبحينا
قال واصل عند ذلك: "أما لهذا الأعمى الملحد المشنف المكنى بأبي معاذ من يقتله، أما والله لولا أن الغيلة سجية من سجايا الغالية، لبعثت إليه من يبعج بطنه على مضجعه، ويقتله في جوف منزله، وفي يوم حفله، ثم كان لا يتولى ذلك منه إلا عقيلي أو سدوسي".
قال إسماعيل بن محمد الصاري، وعبد الكريم بن روح الغفاري: قال أبو حفص عمرو بن أبي عثمان الشمري: ألا تريان كيف تجنب الراء في كلامه هذا، وأنتما للذي تريان من سلامته وقلة ظهور التكلف فيه، لا تظنان به التكلف مع امتناعه منحرف كثير الدوران في الكلام ألا تريان أنه حين لم يستطع أن يقول بشار وابن برد والمرعث، جعل المشنف بدلاً من المرعث، والملحد بدلاً من الكافر، وقال: لولا أن الغيلة سجية من سجايا الغالية، ولم يذكر المنصورية ولا المغيرية لمكان الراء، وقال: لبعثت إليه من يبعج بطنه ولم يقل لأرسلت إليه، وقال: على مضجعه، ولم يقل: على فراشه.