[ومن] (?) عبارات المزكين، وهو من أبلغها وأوقعها: " عدلٌ عليَّ ولِيَ " وهذه العبارة شائعة على ممر الدهور، وقد يقدرها من كان مبتدئاً في سماعها مجملة.

والأصحاب مجمعون على حملها على موجب ما يتفاهمون منها. هذا كيفية التعبير عن العدالة.

فأما الجرح فلا يكفي الإطلاق فيه، ولا بدّ من التنصيص على سبب الجرح؛ فإن الناس مختلفون فيما يقع الجرح به، واتفق أئمة المذاهب لذلك على أنه لا بد من التصريح بسبب الجرح؛ فإن نسَبه إلى الزنا، فلا بد وأن يقول: رأيته يزني، أو سمعته يقر بالزنا، وهكذا القول في كل ما ينسبه إليه، فلا بد من التصريح فيه، والإضافة إلى الرؤية أو سماع الإقرار.

ومن أصحابنا من قال: لا يشترط هذه المبالغة، بل يكفي ما ينبّه على ما يقع به الجرح لا محالة، وهذا خرّجه بعض العراقيين على طريقة الأصطخري؛ فإن مبناها على طرف من المسامحة، ووراء هذا سرٌّ، وهو أن المزكّيَيْن إذا صرحا بالنسبة إلى الزنا، ففي العلماء من يجعل الشاهدين على الزنا إذا لم يساعدهما شاهدان آخران قاذفين، فحقيقة هذا التردد تعود إلى من يجعل الشاهدين والثلاثة على الزنا قَذَفَةً، فهم مترددون في هذا المقام، فمنهم من يستثني مقام الجرح، ولا يجعل نسبة الزنا في هذا المقام قذفاً، والسبب فيه الحاجة، وأن المزكي مُراجَع مستخبَر، والقاذف من يبتدىء من غير مراجعة.

ومن أصحابنا من يجعلهم قذفة لو صرحوا، إذا نقصوا عن عدد شهود الزنا، فعلى هذا لا يكلفون التصريح، ثم يجب احتمال ما يأتون به إذا عرّضوا، وحتى لا يقضى بتعرضهم لاستيجاب التعزير، وهذا تمهيد عذر المراجَع المستخبَر، وعليه يحمل قول الرسول عليه السلام " اذكروا الفاسق بما فيه يحذره الناس " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015