فهذا تمهيد القواعد في التزكية والجرح، ونحن نذكر بعدها فروعاً شذّت عن ضبط الأصول.
فرع:
11911 - لا تثبت العدالة إلا باثنين، كما لا يثبت الجرح إلا باثنين. فلو عدّل اثنان وجرح اثنان، فالجرح أغلب؛ فإن الجارح ينص على ثابت، ومستند شهادة المعدلِّ انتفاءُ الجَرْح بظن غالب تلقاه من طول المخالطة والمعدِّلُ لا يكلَّف سبب التعديل؛ فإن أسباب العدالة لا تنضبط.
ولو عدّل رجلان وجرح واحدٌ، فلا مبالاة بالجرح؛ فإن البينة لم تكمل بتعددها في الجرح، [وكمُل] (?) عددُ البينة في التعديل.
قال أبو إسحاق المروزي: إذا عدل اثنان وجرح واحد، قال القاضي للمدعي: " زِدْ في شهودك ". وهذا إن كان استظهاراً منه غيرَ واجب، فهو محتمل، وإن كان حتماً؛ لم يخلُ إما أن يكتفي بشاهدٍ أو يشترط شاهدين. وعلى أي وجهٍ أدار، فلا وجه لما اختار، والظنُّ به أنه أراد الاستظهارَ، ولم يُلزم ما ذكره من الازدياد والاستكثار.
فرع:
11912 - أجمع علماؤنا على أن القاضي يقضي بعلمه في التعديل والجرح، حتى إن علم أحدَهما بالمسلك الذي يعلم الشاهد به [بنى] (?) قضاءه على علمه -قالوا- وهذا متفق عليه. وإن اختلف القول في أن القاضي هل يقضي بعلمه؟
ورأيت لبعض المحققين في هذا كلاماًً لطيفاً، وذلك أنه قال: إن علم القاضي الجرح، قضى بعلمه، ولم يبال بشهادة المعدِّلَيْن على التعديل، وإن ظهر عنده سببُ التعديل ظهوراً يجوز الشهادة به، فهل له أن يكتفي بعلمه أم يستزكي؟ فعلى وجهين، والأظهر ما قدمناه.