11574 - ومما يتعلق بصور الفصل أن الجرحين لو وقعا على الترتيب، ولم يزمن الأول، ولم يكن الثاني بحيث لو انفرد لأزمن، فإذا استعقب الثاني الإزمان، فالذي أطلقه الأئمة في الطرق أن الصَّيد للثاني؛ فإنّ جرحه استعقب الإذعان، وذكر الصيدلاني قولاً مخرجاً أن الصَّيد مشترك بينهما، ومن تأمَّل ما قدمناهُ من الفصول وما مهدنا فيها من الأصول، لم يَخْفَ عليه اتجاهُ كون الصَّيد مشتركاً بين الجارحَيْن (?)، والوجه المشهور عن الأصحاب [أن الصَّيد للثاني،] (?) إذ الجرح الأول أصابه والمصاب صيدٌ بعدُ، فطاح الجرح وسقط أثره، وصادف الجرح الثاني صيداً فأزمنه، فقيل هو للمزمن، والذي سبق وفاقٌ، " ورُبَّ ساع لقاعدٍ " (?).

ثُمَّ فرَّعوا على ما رأوه المذهبَ، وقطعوا به، فقالوا: إذا جعلنا الصَّيد للثاني كما ذكرناهُ، فلو عاد الأول والمسألة بحالها ورمى الصَّيد مرة أخرى بعد الإزمان، فمات الصَّيد من الجراحات كلها، ولا إجهاز في شيء منها، فعلى الذي رمى أولاً وثالثاً الضمانُ، فإنه برمْيه الثاني -وهو الجرح الثالث - تسبب إلى إفساد الصَّيد، إذ الصَّيد صار مزمَناً بالجرح الثاني.

ثم الكلام في مقدار ما يجب من الضمان، وقد اختلف أصحابنا فيما يجب عليه، وأحسن ترتيب في تأدية الخلاف أن نقول: في وجهٍ يجب على المفسد قيمة الصيد مجروحاً جرحين: الجرح الأول؛ فإنه كان هدراً، والجرح الثاني، فإنه صدر من المثبت المالك.

وفي وجه نقول: يجب على هذا المفسد قسط، ولا يلزمه تمام القيمة. فإن أوجبنا القيمة، فذاك بيّن، وإن أوجبنا قسطاً، ففي التقسيط اختلاف الأصحاب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015