لمن جرحه مذفف، والثاني يوقف بينهما. وإن عجلنا ولم نقف خلصنا لصاحب الجرح المذفف نصفاً، وجعلنا النصف الثاني بينهما نصفين، فيخلص لأحدهما ثلاثة أرباع الصيد. والعلم عند الله. هذا كله إذا رميا وأصابا معاً.
11573 - فأما إذا ترتب الأمر -والاعتبار بوقوع الجرح في هذا الباب لا بوقت الرمي- فإن وقع جرح أحدهما، ثم وقع بعده جرح الثاني، نُظر: فإن أزمن الأولُ، ثم أصاب الثاني، فهذا جرح ورد على جلد ولحم.
فإن لم يكن الجرح الأول مذفّفاً ولا مُزمناً، وكان الجرح الثاني مذففاً، فالصَّيد للثاني، ولا أثر للجرح الأول في حكمٍ من الأحكام.
وكذلك إن كان الجرح الثاني مزمناً بنفسه، من غير أن نقدر الجرح الأول، فالصَّيد للثاني، وحقه أن يدرك ويذبح إن كانت فيه حياة مستقرة.
ولو جرى الجرحان وترتب الثاني على الأول، وأشكل الأمر، فلم ندر أن الأول أزمن، ثم لحق الثاني وهو غير مذفف، فأفسد الصَّيد، أوْ كان الأول غيرَ مزمن، وكان الثاني مُزمناً، ولو كان كذلك، لم يفسد الصَّيد، فإذا اعتاص الأمر وأشكل، وكان حكم الصَّيد أن يفسد في أحد الاحتمالين، ولا يفسد في الثاني، ففي المسألة طريقان: من أصحابنا من قال: في حِل الصَّيد قولان مبنيان على القولين في مسألة الإصماء والإنماء، ووجه التشبيه أن الصَّيد إذا غاب، فقد تعارض احتمالان في سبب موته: أحدهما - مصلح، والثاني - مفسد، كذلك في مسألتنا. هذه طريقة.
ومن أصحابنا مَن قطع بالتحريم فيما نحن فيه، وفرَّق بين هذه الصورة، وبين صورة الإنماء، وقال: قد وجد في صورة الإنماء جُرح يحال الموت عليه، وإحالة الموت على الجرح السابق أصل في الشريعة، ولم يُوجد في المسألة التي نحن فيها أصل في التحليل، والأصل استبقاء الحظر والتحريم. ثم قال الصَّيدلاني في نصرة طريقة القولين: إنما يأتي الفساد من كون الجرح الأول مُزمناً، والأصل أنه غير مزمن، فليقع البناء على هذا، ولا بأس بما ذكره، ولكن الفقه في الفرق بين المسألتين.