وهذه المسألة تناظر ما إذا جرح مسلم عبداً مرتداً، وأسلم، فجرحه مالكه، ثم عاد الأول وجرحه جراحة أخرى، فمات من الجراحات كلها، وقد ذكرنا طرق الأصحاب في ذلك في آخر الديات من فروع ابن الحداد، وحاصل القول على الإيجاز: أن من أصحابنا من يوزع على الجراحات، وهي ثلاثة، فعلى هذا نوزع في مسألة الصَّيد قيمةَ الصَّيد على الجراحات الثلاث، ونهدر ما يقابل الجرح الأولَ والثاني، ونوجب ما يقابل الجرحَ الثالث، وهو الثلث، فيجب على الذي جَرَحَ أولاً وثالثاً ثُلثَ القيمة.
والوجه الثاني -في مسألة العبد المرتد- أنا نُوزّع القيمة على الجارحَيْن، ولا نتعرض لأعداد الجراحات أولاً، فيقتضي ذلك التنصيفَ، ثم يسقط نصفُ القيمة، وهو ما يقابل الملك، والنصف الآخر موزع على الجرحين، إذ أحدهما في حالة الردّة، فيهدر نصف النصف، ويبقى نصف النصف، وهو الربع، فعلى هذا نقول في الصَّيد: نسقط نصف القيمة مقابلة جرح المالك المثبت للصيد، وننظر في النصف الثاني ونوزّعه على الجرح الأول والثالث، فنهدر ما يقابل الجرح الأول، فإنه أصاب صيداً مباحاً، لا حق لأحد فيه، ونوجب النصف، فيخرج منه إيجاب ربع القيمة.
ثم إذا أوجبنا قسطاً، وقلنا: إنه ثلث، أو ربع، فهل نضم إليه اعتبار الأرش؟ فيه التردد والاضطراب الذي مهدناه في مسألة كسر الصّيد.
11575 - ومما نلحقه بآخر هذا الفصل أمر لا خفاء به، وهو أنه لو رمى الصَّيد رجلان، ثم اختلفا، فقال أحدهما: أنا المزمن، والصَّيد مِلكي، وقال الثاني: بل أنا المزمن، وليقع الفرضُ فيه إذا أُدرك وذبح، فإذا استبهم الأمر، وكان صدق كل واحد منهما ممكناً، فظاهر الأمر أن الصَّيد في أيديهما، [وهما يتنازعان فيه، وهما بمثابة ما لو تنازعا في دار في أيديهما] (?).