وصفناه، لم يكن بعيداً، ففتح هذا يوجب تحريماً في معظم الذبائح؟ قلنا: هذا في التصوير غير سديد؛ فإن الشاة إذا رُبطت فمسّها حدّ السكين، فإنها تَخنِس الحلقومَ بطباعها، ولعل من يغفل عن التحرّز إذا أصاب عضواً منه مؤلمٌ انزوى عنه، فإذا [كان] (?) الأمر كذلك فلا يمكن ادعاء عموم حركتها في استقبال المُدْية، وما يفرض من اضطراب فهو بعد فَرْي الحلقوم والمريء، فلا أثر له.
فإن صوّر مصور اضطراباً يُعين على القطع قبل تمام القطع، فهذا مما يجب التحرّز منه، فإن ظهر فعل الذابح [وقُدر أمر خفيٌّ] (?) يجري مثله في الوساوس، فالتعويل على فعل الذابح، وإذا ذكرنا فصول الذبح، انكشف تمامُ الغرض.
11556 - والصبيّ الذي لا يميّز إذا أمرّ سكيناً على حلقوم طائر وقطع ما يجب قطعه، فهو ميتة، ولا حكم لفعله؛ إذ لا قصد له، والمجنون الذي لا قصد له بهذه المثابة، والصبي المراهق إذا ذبح، فالأصح تحليل ذبيحته، وفي بعض التصانيف ذكر خلاف فيه من حيث إن الشرع سلب حكمَ قصده، ويمكن تقريب هذا من اختلاف القول في أن الصبي هل له عمد في القتل، حتى يجب بسببه الديةُ في ماله، والقصاص على شريكه في القتل.
وأما المجنون، فلا قصد له، فلو انتظم منه الذبحُ على موجَب الشرع، فالوجه القطعُ بتحريم ذبيحته لسقوط قصده، كما ذكرناه في الصّبي الذي لا يميز، وفي بعض التصانيف أن المجنونَ إذا نظم الذبحَ على وجهه، كان ذبحه مبيحاً، وهذا لم أرَه إلا في هذا الكتاب، ووجهه على بعده أن ما يصدر منه لا ينقص عن قطع الإنسان شيئاً ليناً يحسبه حشيَّةً أو خشبة، ثم يتبين أنه حلقوم شاة، وقد ذكرنا أن هذا يُحل الذبيحة. ثم إن فرض مثلُ هذا عن الصبي الذي لا يميز، وقد ينتظم فعلاً كما صوّرناه من المجنون، فسبيله سبيل المجنون.