فصل
قال: " والذكاة وجهان ... إلى آخره " (?)
11557 - قسَّم الشافعيُّ الذكاة إلى ما يقع في المقدور عليه، وإلى ما يفرض في الشوارد، وهذا الانقسام بيّن، فالذبح في المقدور عليه في الحلقوم والمريء، كما سنعقد في ذلك فصلاً، إن شاء الله.
فأمَّا الحيوان الذي لا يُقدر عليه، فإن كان صيداً، فالذكاة فيه بآلة وحيوان صَيُودٍ معلّم، كما تمهّد.
ولو شردت بهيمةٌ إنسيّة الجنس، فقاعدة المذهب أنها قد تلتحق إذا شردت بالصيد الأَبِد (?)؛ حتى تكون إصابتها بالجرح في غير المذبح ذكاة كما في الصيد، وقال مالك (?): الاعتبار بجنسها، ولا تحصل ذكاتها إلا في الحلقوم والمريء، وقد رد الشافعي عليه بأن قال: لو كان المعتبر الجنس، لوجب أن يقال: الظبية الآنسة تحل بالجرح من غير قطع الحلقوم، والمريء، وهذا لا قائل به، فليقع التعويل على صورة القدرة، والإفلات، فالحيوانات في الحكم الذي نطلبه مذبوحات، ونحن نتبع أحوالها في القدرة والشِّراد، ثم الغرض التعذر لتعذّر الوصول إلى مذبح الحيوان الآنس في جنسه.
ونحن نذكر في ذلك صورتين: إحداهما- أن البهيمة لو تنكست في بئر وعسر الوصول إلى مذبحها، وتعذر إخراجها، ولو تُركت، لهلكت، فيجوز الطعن في الأجزاء الظاهرة منها، ويكون ذلك ذبحاً فيها، والسبب فيه تحقّقُ التعذّر، ولهذا المعنى حلّت الصُّيود بهذه الجراح، ثم يعتمد المذهب بما هو الأصل في تمهيد غرض الفصل، وهو ما رُوي: " أن رجلاً يعرف بأبي العُشراء تردّى له بعير في بئر، وهلك،