أنا نحكم الآن له بحكم أهل الكتاب. والثاني -وهو الأصح- أنا لا نحكم له بحكم أهل الكتاب؛ فإنّا قضينا له بالتوثن، فيدوم هذا الحكم له، فإذا دان بالكتاب بعد البلوغ، كان كوثنيّ يتهوَّد، أو يتنصّر، ولا شكّ أن التَّهَوُّدَ والتَّنَصُّرَ بعد مبعث المصطفى صلى الله عليه وسلم لا يثبت حُرمة. والقائل الأول يقول: إن حكمنا له في حالة الصغر بالإلحاق بالأب فَلدِين الأم من الحرمة ما يثبت له حكمَ الاستمساك بالكتاب بعد البلوغ، ثم إذا وقع التفريع على هذا، فلا وجه إلا الاستناد، والقضاء بأن الأمر كان موقوفاً إلى أن نتبين ما يدين به بعد البلوغ. وهذا ضعيف غير متجه.
فصل
قال: " ولا يؤكل ما قتلته الأحبولة ... إلى آخره " (?).
11555 - إذا نُصب في الأحبولة مِنجَل، فقد يتعقل الصيد بالأحبولة، ثم يتعقر الصّيد بالمنجل، فإذا فرض ذلك، ثم أفضى العَقْر إلى هلاك الصّيد، فهو حرام، لم يختلف الأصحاب فيه، والسبب في ذلك أنه لم يتّصل بالعَقْر الحاصل فعلٌ يُنسب العقر إليه، وليس وضع المنجل عقراً به، بل الصيد هو الذي يتعقر بحركات نفسه، والمنجل ينحط ويرتفع. ومن أحاط بما ذكرناه من اشتراط الفعل، ثم اشتراط القصد بعده لم يخف عليه تعليل ذلك.
فعلى هذا قال الأئمة: إذا كان في يد الإنسان سكّين حادٌ، فانتحرت به بهيمة، ولم يحرّك صاحب السكّين يدَه، فالبهيمة تحرم وإن حصل القطع في حلقومها ومَريئها، ولو كان صاحب المُدْية يحركها، وكانت البهيمة تحك حلقَها، فحصل قطع الحلقوم والمرّيء بتحاملها، وتحريك صاحب السكين يده، فالوجه التحريم لاشتراك البهيمة والذابح.
وقد يرد على ما ذكرناه أن من أضجع شاةً ليذبحها، فإذا أمرّ السكين، فقد يضطرب المذبح تحت السكين اضطراباً يؤثر في القطع، ولو قيل قد لا تخلو شاة عما