شفاءكم فيما حُرم عليكم " فلم يخص الخمر بمزية، بل أبان أن كل محرم، فهو كالخمر المسئول عنها، فلا يجوز الهجوم على التداوي بها بناء على غير ثَبَتٍ في جلب نفع ودفع ضرر.
11204 - ووراء ذلك إشكالٌ وانفصالٌ عنه، وهو التتمة، ولا يتأتى الغرض إلا بفرض كلام يدركه من شدا شيئاً من صناعة الطب، وليس يضرنا تبرّم الجاهل به، فنقول: من حميت منه أجرام القلب وفاتحته (?) الحمى المحرّقة، وبدت مخايل المدقوقين (?)، فلا خلاف بين أهل الصناعة أن لحوم السرطان (?) إذا طبخت بماء الشعير، فهي أنجع علاج، ثم انفكاك الحمى المحرقة عسرٌ غيرُ موثوق به. فهذا مما حصل فيه العلم بأنه العلاج، ولا ثقة بالزوال، بل لا [بظنٍّ] (?) فيه غالب. فهذا موضع النظر، وهو محلّ التردد، يجوز أن يقال: لا يسوغ الإقدام عليه، فإن الانتفاع به غيبٌ، وهو كردّ السّغب، وسورة (?) الجوع بأكل شيء من الميتة، أو كإساغة غُصة أو تطفئة غُلة بمقدارٍ من الخمر، وهذا يعتضد بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرّم عليكم ". وكذلك امتصاص ألبان الأُتُن من أطبائها (?).
ويجوز أن يقال: هو مباح، فإنه لو ترك كان في تركه غَرَر، ولا يسوغ تعريض الأرواح للخطر، بسبب الامتناع عن تعاطي النجاسة؛ وما حرمت النجاسات إلا إكراماً للآدميين حتى يتقذروا، ويتعففوا، وهذا الغرض لا يعارض خطر الروح، ثم لو فرضت مثل هذه الحالة في التداوي بالخمر، فلستُ أعتقد بينها وبين لحوم السراطين