فرقاً، وإن كان المنقول عن الأصحاب الفرق مع أنهم أطلقوا الكلام، ولم يفصلوه.

وسمعت شيخي في بعض مجالس الإفادة [يقول] (?): إن الخمر في المعاجين تلتحق بالأعيان النجسة وأما إذا استعملت في نفسها، فهي تنفصل حينئذ عن الأعيان النجسة، والذي يحقق ذلك أن من شرب كوزَ ماءٍ وقعت فيه قطرات من خمر، والماء غالب بصفاته، لم يحدّ، وقد تقصَّيت ذلك في كتاب الرضاع، عند ذكر اللبن المشوب، فليطلب في موضعه.

فإذا خفي الخمر في المعاجين، سقطت ماهية الخمر، وصارت عيناً نجسة، وهذا حسنٌ. على أن الرأي السديد على ما قدمناه في المنع من التداوي بكل نجس إذا لم يقطع به أو لم يعلم مثله، وإن علم أنه ناجع، فيجوز من غير فرق. وإن علم أنه العلاج والنفع مغيب، ففيه التردد. وفي كلام القاضي ما يشير إلى تجويز التداوي، وإن أبهمه ولم يفصله؛ فإنه قال: لو شرب على قدر التداوي، لم نحدّه، وهذا يشير إلى تسويغ التداوي.

وقد نجز ما ذكرناه.

فصل

قال: " ولا يحدّ إلا بأن يقول: شربت الخمر ... إلى آخره " (?).

11205 - مقصود الفصل بيان ما يَثْبُت به حدُّ الشرب. فنقول: إن أقر بأنه شرب الخمر، ثبت الحد عليه. وفيه غائلة سنشير إليها. ولو شهد الشهود على إقراره، فالجواب كذلك. ولو شهدوا أنه يشرب الخمر، فالحكم ما ذكرناه، ولو قالوا: شرب من شرابٍ في قدحٍ شرب الغير منه، فسكر، فهذا بمثابة ما لو شهدوا على أنه شرب المسكر، ولو وجدناه سكراناً، لم نحدّه؛ لجواز أن يكون قد أُوجر الخمر، أو أجبر على تعاطيها، وكذلك إذا وجدنا رائحة الخمر تفوح من نكهته، لم نحده، لما ذكرناه، ولا نسائل، ولا نلح في المباحثة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015