الضرورة كلامٌ سيأتي مشروحاً، إن شاء الله تعالى.
فالتداوي الذي يتلقى من الأطباء في غالب الأمر لا يبلغ هذا المبلغ قطعاً. والبصير المتبحّر في الطب لا يجزم قضاءً على المريض. وهو المعني بقول بقراط: " التجربة خطر والقضاء عسر " (?). والمراد أن القضاء بماهية المرض ثم بعلاج ناجع فيه عُسر؛ فإن صناعة الطب أسندها مُسندون إلى التجارب، وهي مُخطِرة (?)، مع اختلاف القوى والخَلْق، والعاداتِ التي سبقت المرور عليها، وأسندها المحققون إلى القياس ودَرْكه، والاطلاع عليه أعسر مُدركاً من كل معضل في المدارك، فكيف يتحقق القضاء من الطبيب على بتّ هذا، والحذّاق مجمعون على إقامة الأبدال في الأدوية، وقد صنف فيها العاري (?) كتاباً معروفاً.
ثم إن تحقق ما ذكرناه -وهيهات- فالحكم بأن ينفع [ويُدِرّ] (?) العافية لا سبيل إليه؛ فإن التعويل على القوة، وهي خوانة تخون، فلا سبيل -والحالة هذه- إلى إطلاق القول باستعمال الأعيان النجسة، فإن فُرض ظهور الحاجة، وغلبةُ الظن بالنفع، فيجوز استعمال الميتة في هذه الحالة، وقد قدمنا من كلام الأئمة أن الخمرة تستعمل حيث يحل تعاطي الميتة، فلا معنى لوضع المذهب على الفرق بين الخمر وغيرها.
ومما قَضَّيت العجبَ منه أن المتأخرين أوردوا حديثاً ولم يعوه، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن التداوي بالخمر، فلم يجب عنها بل قال: " لم يجعل الله