وإن [سلم] (?) الوديعة إلى من يستبدّ بيده، ولكن رآه أهلاً لذاك وربما يضع عنده ذخائره، فإذا أراد التسليم إليه بالكلية، فهذا ممنوع؛ فإنه إيداع من المودَع من غير سفرٍ، ولا ضرورة، والذي يقتضيه عرف الإيداع خلاف هذا قطعاً، ولا ينبغي أن ينظر الفقيه إلى أن المودَع يفعل بالوديعة ما يفعله بملك نفسه في الاحتياط المعتبر في الحفظ؛ فإن هذا لا يجوز اعتقاده، مع تبدل اليد على التحقيق، فإنما المودَع هذا الشخص المعين، فقد [خرج] (?) هذا أيضاً، ومهما [ارتكبت] (?) المسائل وشملها السؤال على إبهام، فالرأي [التقليل] (?) من المسائل وإخراج الواضحات من محل النظر ليستدَّ النظر في محل الإشكال، فقد آل النظر إذاً إلى أمر المودَع [عبده] (?) بردّ الوديعة إلى مَحْرَز والسيد لا يلحظ المَحْرَز، بل يكتفي فيه بنظر العبد وحراسته. هذا محل النظر.

فالذي يشعر به فحوى كلام الأئمة تجويز هذا. وفي بعض التصانيف التصريح بمنع ذلك إذا لم يكن الشيء مرعيّاً من جهة المودَع. أما وجه هذا المذكور آخراً، وهو أن التسليم إلى العبد إزالةٌ لليد [ولحفظ] (?) المودَع المؤتمن، فكان في معنى تسليم الوديعة إلى صديق مأمون موثوق [به] (?)، وهذا له إيضاح في القياس، ووجه ما دل عليه قول الأئمة حملُ الأمر على العرف؛ فإن الإنسان إذا أودع وديعةً عند بعض أماثل الناس، فيبعد أن يكلفه تولِّي الحرز ومراقبة الحرز، والانقطاع عن الانتشار في الحاجات والمآرب، فإذا كان ذلك بعيداً في العرف، ولا طريق مع مفارقة المنزل إلا استحفاظٌ عند موثوق به، أو استحفاظُ متصلٍ بالإنسان كالزوجة ومَنْ في معناها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015