ثم من أوجب على طريقة شيخي استعمالَ الماء مع شيءٍ حِرّيف، فلا يمتنع عنده استعماله متغيّراً بحرِّيف، وينزل ذلك عنده منزلة التعفير في غسلةٍ من الغسلات السبع من ولوغ الكلب، كما سيأتي.
وإن اتجه ما ذكرته من الاكتفاء بنقعه في الماء بعد انقلاع الفضلات؛ فلا يبعد أن أقول: يتعين هذا من حيث إنه إيصال ماءٍ طَهورٍ غيرِ متغير إلى الباطن. ولا يدرأ هذا إلا ظنّ من يظنّ أن الوصول إلى جميع أجزاء الباطن لا يحصل إلا بمصاحبة حريفٍ للماء. والله أعلم.
31 - وكان شيخي يذكر الخلاف في استعمال الماء من وجهٍ آخر، ويقول: ما ذكرناه هو استعمال الماء حالة الدِّباغ. فإذا دُبغ الجلد كما ذكرناه، فلا يخلو ظاهر الجلد عن أجزاء من الشّثِّ لاصقةً به، فهل يجب صب ماءٍ قَراحٍ (?) على ظاهر الجلد ليزيل ما ذكرناه؟ فعلى وجهين: أحدهما -وهو الأصح- أنه يجب؛ فإن تلك الأجزاء تنجست بملاقاة الجلد أولاً، وهي باقيةٌ، فلا بد من إزالتها، وليست تلك الأجزاء كداخل الدَّن الذي استحالت الخمر فيها خلاً؛ لأن المراد بالحكم بنجاسة داخل الدَّنّ مجاورة أجزاءِ الخمر إيّاه، وقد انقلبت تلك الأجزاء خلاً طاهراً. وهذا لا يتحقق في الأجزاء التي تنجست بملاقاة الجلد [النجس] (?).
والوجه الثاني - لا يجب استعمال الماء آخراً؛ فإن المتبع في الحكم بطهارة الجلد بالدِّباغ الخبرُ. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أيْما إهابٍ دُبغ، فقد طهر". وهذا قد دُبغ.
وليس لقائلٍ أن يقول: عادةُ الدبَّاغين غسلُ الجلود آخراً. فإنّ ذلك ليس كذلك، ونحن نرى الأجزاء التي ذكرناها تُنتقص من الجلود وهي تستعمل، فليقع الاكتفاء بما يُسمى دِباغاً.
ثم من أوجب غسل الجلد آخراً يحكم بطهارة عين الجلد قبل الغَسل [ويراه] (?)