كالثوب النجس ولا يمتنع بيعه. ومن شرط استعمالَ الماء حالة الدبغ -إذا لم يستعمل- يرى الجلدَ نجسَ العين، كما تقدم تفريعه.
الفصل الثالث في حكم الجلد بعد الدّباغ
32 - فالمنصوص عليه للشافعي رحمه الله في الجديد، أن الجلدَ إذا دُبغ، طهر ظاهره وباطنه، وتجوز الصلاة فيه ملبوساً، كما تجوز الصلاة عليه مفروشاً، ويجوز استعماله في الرطب واليابس، ويجوز بيعه.
ومذهب مالك (?) فيما حكاه أصحابنا أنه لا يطهر بالدباغ إلا ظاهرُ الجلد.
وهذا غير صحيح من جهة أن عينَ الجلد كان نجساً قبل الدباغ، ويستحيل أن ينقلب ظاهره طاهراً دون باطنه.
ونقل عن الشافعي قولٌ في القديم يمنع بيعَ الجلد بعد الدِّباغ، وكان شيخي يحكي عن القفال: إنه لا ينقدح توجيه هذا القول إلا بتقدير قولٍ للشافعي موافقٍ لمذهب مالك في أن باطن الجلد لا يَطهر؛ إذ لو كان طاهراً، لم يتجّه لمنع البيع وجهٌ؛ إذ البيعُ تارةً يمتنع لتعظيم الحرمة، كما يمتنع بيع الحُرّ، وقد يمتنع لخسّة الشيء، كما يمتنع بيعُ النجاسات، ولو كان المدبوغ طاهراً ظاهراً وباطناً، لما كان فيه مانع عن البيع من الجهتين اللتين ذكرناهما. وقوله عليه السلام: " هلاّ أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به " عامّ في جهات الانتفاع، غير مُشعر بمنعِ البيع.
وعلى الجملة معتقدي أن الأقوال القديمة ليست من مذهب الشافعي، حيث كانت؛ لأنه جزم القول على مخالفتها في الجديد، والمرجوع عنه لا يكون مذهباً للراجع.
فرع:
33 - اشتهر اختلاف الأئمة في أن جلد الميتة إذا دبغ، وحكمنا بطهارة باطنه وظاهره، فهل يحل أكله؟
فمنهم من حرّم. وهو الظاهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قصّة