6154 - وقد ينتظم من مجموع ما ذكرناه تفريعٌ يُنبّه على مقصود المتوقف في الإسلام والحرية، وهو أن نقول: إذا قُتِل اللقيط أمكن أن يكون رقيقاً، وأمكن أن يكون حرّاً كافراً، ثم إذا كنا نبغي الأقل، تعين الحمل على التمجس، فإذا سئلنا - والتفريع على ابتغاء الأقل- عن الواجب بقتله، فالوجه أن نوجب الأقلَّ من دية مجوسي، أو قيمة عبدٍ.
وهذا تفريع لا تنتهي الفتوى إليه، ولا يرتضيه ذو فقه، ولكنه موجَب ما قدمناه.
فإذا تمهد هذا الفصل، قلنا بعده:
6155 - ما صار إليه معظم الأصحاب أن من التقط اللقيط وادعى كونه رقيقاً له؛ فإنه لا تقبل دعواه إلا أن يقيم بيّنةً -على ما سنصفها في تفريع الفصل- لأن الظاهر الحرية، وهذه اليد ثبتت للملتقط حديثاً جديداً بالالتقاط. وهذا بيّن متّضح منطبق على مصلحة [الطفل] (?).
وقد ذكرنا أن الذمي إذا استلحق نسب منبوذ في دار الإسلام، فالنسب يلحقه لا محالة، وهل يثبت للقيط حكم الكفر؟ فيه اختلافٌ قدمناه، وليس ما ذكرناه الآن من ادعاء الملتقط رقَّ المنبوذ من ذاك بسبيل، فإن نسب المنبوذ متعرِّض للاستلحاق؛ من جهة أن نسبه مجهول، فاستوى في استلحاقه الكافرُ والمسلم، ثم انبنى على الاستلحاق ما ذكرناه من حكم الدين.
فإن قيل: فاليد تدل على الملك وقد صار الملتقِط ذا يدٍ؟ قلنا: هذه اليد لا تدل على الملك، وقد أحدثها بمرأى منا.
هذا ما ذهب إليه الأصحاب.
6156 - وذكر صاحب التقريب وجهاً بعيداً أنه تقبل دعوى الرق من الملتقط، ويثبت الرق بمجرد دعواه، إذا لم يمنع منه مانع.