وهذا الوجه لا شك أنه ينبني على أنا لا نحكم للّقيطِ بالحرية حكماً جازماً، واستشهد عليه -مع البناء على ما ذكرناه- بمسألة، وهي أن الرجل لو وجد ثوباً في قارعة الطريق، وقال كما (?) وجده: هذا ملكي، كان ضل مني، فيقبل منه ويحكم له بالملك، حتى يجوز ابتياعه منه، تعويلاً على هذه اليد.
وهذا الوجه البعيد منحرفٌ عن قاعدة المذهب بالكلية، ولست أرى [الاعتداد] (?) به، وليس كالثوب؛ فإنه مملوك، فإذا لقطه، وزعم أنه ملكه، فليس دعواه مغيراً صفة الثوب، وإنما [يتضمن] (?) تعيينه لكونه مالكاً له، فتبين أن الملتقط إذا ادّعى رق اللقيط، لم يقبل منه إلا أن يقيم بينةً. هذا هو الذي عليه التعويل.
6157 - ولسنا ننكر دلالة ثبوت اليد على الرق على الجملة إذا لم تكن اليد مستحدثة بالالتقاط، فمن رأينا في يده صبياً، وهو يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه، ولم تستند يدُه إلى الالتقاط، فإذا ادعى كونَه مملوكاً صدَِّق.
ولو ادّعى آخرُ رقَّه، فالقول قول صاحب اليد.
وإن استمرّ منه ادّعاء الرق، جرى الحكم به ظاهراً، فلو بلغ وأنكر الرق أصْلاً، وادّعى الحرية الأصلية، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنا نستديم الملك المحكوم به، ونجعل هذا الذي بلغ وادعى الحرية مدّعياً، فعليه البينة، فإن لم يجدها، حلف صاحبُ اليد، ثم لا يخفى نظر الخصومة إلى انتهائها.
والوجه الثاني - أن القول قول هذا الذي ادعى الحرية، وعلى من كان يدّعي الرق البينةُ.
وقد ذكرنا مثل هذين الوجهين في النسب في حق من استلحق نسب صبي، وجرى الحكم به، ثم بلغ، وأنكر النسب، فهل يرتدّ النسب بإنكاره؟ على الخلاف المقدم.
[وكل ذلك] (?) متلقىً من اختلاف القول في أن من حكمنا له بالإسلام تبعاً، ثم بلغ