ويرجع مأخذ القولين إلى ما ذكرناه من النظر في أطفال المسلمين ومجانينهم. فهذا هو التنبيه على الغرض في مأخذ الكلام في ذلك.
6151 - وفي بعض التصانيف ما ذكرناه من الترتيب على إيجاز، وفيه أن اللقيط إذا جنى خطأً، تعلّق أرش جنايته ببيت المال وجهاً واحداً.
وهذا مما يجب إمعان النظر فيه؛ فإن مال بيت المال مضنون به، لا يبذل إلاّ على ثَبَتٍ. وإذا لم نجزم القولَ بالحرّية، وخرّجنا عليه المسائل التي ذكرناها، فلا سبيل إلى القطع -والحالة هذه- بضرب أروش جناياته على بيت المال، بل يجب التوقف.
ويمكن أن يقال: يقطع بضرب موجَب جنايته على بيت المال -وإن ترددنا فيما قدمنا- أخذاً من شيء، وهو أنه لو مات وخلّف مالاً، وكان الموت في حالة الصغر، فماله موضوعٌ في بيت المال من غير توقّفٍ، فلا يبعد أن يتحمل بيتُ المال من غير توقفٍ؛ نظراً إلى صرف ماله إلى بيت المال، وتشبيهاً للمغرم بالمغنم.
6152 - ومما يجب التثبت فيه أنا نحكم للّقيط بالملك فيما نصادفه معه من غير توقف، وهذا من مقتضى حكمنا بحرّيته، فلا ينبغي للناظر أن يسترسل في مثل هذه المضايق، ويتعثر (?) بمشكلات تُقتحم فيها حُرم المذهب.
فنقول:
6153 - منخولُ هذه الفصول: أنا نحكم للقيط بالحرّية ما لم ينته إلى إلزام الغير حكماً مبنياً على الحرية، فإذا انتهينا، تردّدنا إذا لم يعترف الملتزم بالحرية.
فإن قيل: إذا أتلف المتلف مال اللقيط، فما رأيكم؟
قلنا: يضمن؛ فإن الغرم واجبٌ. وإذا كان الغرم واجباً عليه، فلا أرَبَ له في أن يصرفه إلى الطفل، أو يتوقف فيه (?).