الذرة ضررُ القمح، مع مزيدٍ، والدليل على هذا أن ما ذكره ناصر القول الأول من ادعاء الانفساخ لا أصل له، وقد انقضت المدة تحت يد المستأجر، فكان يجب لو صح ذلك المسلك أن يقال: إذا فاتت المنفعةُ تحت يده في كمال المدة، وجب الأجرةُ المسماة، ويجب أجرة المثل لزراعة الذرة، وهذا سرفٌ في الإلزام.

ولناصر القول الثاني أن يقول: المستأجر بزراعة الذرة سدَّ جهةَ الانتفاع بزراعة القمح، والمستأجر لو أتلف العين المستأجرة، ترتب على إتلافه انفساخُ الإجارة، كما لو تلفت بنفسها، فلا معنى لتخيل (?) الجمع بين الأجرة المسماة، وبين أجرة المثل.

5492 - وهذه الطريقة في القولين تخالف نص الشافعي، فإنه صرح بتخيّر المالك، وهذا القائل [بإجراء] (?) القولين رفَعَ حكم الخيرة من البَيْن.

5493 - ومن أصحابنا من سلك طريقةً أخرى، فقال: في المسألة قولان:

أحدهما - أن صاحب الأرض مخيرٌ، كما نص عليه الشافعي، فإن شاء ألزم المستأجِرَ الأجرةَ المسماةَ، وأرشَ النقص الزائد، كما ذكرناه. والقول الثاني - أنه يتعين عليه أخذُ أجرة المثل.

5494 - وذكر بعضُ أصحابنا القولين على صيغة أخرى، فقال أحدهم: إنه يتخير كما ذكرناه. والثاني - أنه لا يتخير، وليس له إلا المسمَّى وأرشُ النقص.

وكان شيخي يؤثر هذه الطريقة، ويراها أصحَّ من التي قبلها.

5495 - التوجيه: من أثبت الخيرة وهو ظاهر النص، احتج بأن المستأجر من وجهٍ لم يحد عن الزرع، ومن وجهٍ لم يأت بالجنس المستحَق، والحكم بالانفساخ بعيدٌ، والمسألة مترددةٌ بين القواعد، فإذا لم ينقدح الانفساخ وقوعاً، ولم يتجه تعيّن الأجرة المسماة لحيد المستأجر عن النوع المستحق، فلا (?) وجه إلا أن يخيَّرَ المالك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015