الأرض، وإظهار حفائرَ فيها، لزمه تسويتُها، كما يلزم الغاصب.

فإن غَفَل المالكُ عن تعدّيه، حتى حصدَ الزرعَ المضرَّ، قال الشافعي: لصاحب الأرض الخيارُ، فإن شاء ألزمه الأجرة المسماةَ، وألزمه أرشَ نقص الأرض بسبب الذّرة، فينظر إلى ما بين تنقيص القمح وتنقيص الذرة، ويُلزمه مع الأجرة المسماة أرشَ ما زاد من النقص بسبب الذرة.

وإن شاء أن لا يطالبه بالأجرة المسماة أصلاً، ويطالبه بأجر مثل الأرض لو زرعت ذرة، فله ذلك.

5490 - ولما نقل المزني هذا قال: الأول أولى بقوله، فاحتمل كلامُ المزني أنه فهم من كلام الشافعي قولين، ثم اختار الأول، حتى كأنه اعتقد أن ما ذكره الشافعيُّ ليس إثباتَ خِيَرةٍ بين خصلتين؛ فإن إثبات الخيرة مذهبٌ واحد، ومن ضرورة الخِيرة تعلّقها بأمرين، فرأى المزني أن هذا من الشافعي ترديدُ القول بين الحُكْمين على ما سنوضحهما.

وقد اختلف أئمتنا في المسألة، فنذكر [ما ذكروه] (?) ثم نتصرف في لفظ المزني.

5491 - فمن أصحابنا من قال: في المسألة قولان: أحدهما - أن صاحب الأرض ليس له إلا الأجرة المسماة، والرجوعُ بالنقص المتخصص بالذرة. والقول الثاني - أنه ليس له إلا أجرة المثل.

توجيه القولين: من قال: ليس له إلا أجرةُ المثل، احتج بأن المستأجر تركَ الانتفاعَ الذي يستحقه جملةً، وشغل الأرضَ بنوع آخر، فانفسخت الإجارة، وصار المستأجِر في حكم من يغصب أرضاً، ويزرعها ذرة.

ومن قال بالقول الثاني (?)، احتج بأنه لم يحِد (?) عن قبيل الزراعة وجنسها، ولكنه اعتدى، وزاد، فكأنه استوفى المنفعة المستحقةَ، وتعدّى محلّ الاستحقاق، ففي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015