ووجه من منع التخيير أن الإجارة قد انتهت، [فَعَطْفُ] (?) الفسخ عليها محال، فيجب أن يقع الحكمُ مجزوماً. ثم من جزم القولَ بأجرة المثل، فوجهه ما تقدم. ومن رأى الجزم بالمسمّى، وأرْشَ النقص، فقد سبق في الكلام ما يوجه ذلك أيضاً.

5496 - ومن أصحابنا من أبى طريقةَ القولين، وقال: لا مذهب للشافعي إلا التخيُّر بين المسمَّى وأرشِ النقص، أو أجر المثل. وهذا بيِّنٌ في لفظه. ومن استنبط من كلام المزني القولين، فهو غير منصفٍ؛ فإنّ ترك نص الشافعي، وهو صريح في الخِيرة، لا معنى له بخيالٍ في كلامِ المزني.

على أنه يمكن حملُ كلامه، إذ قال: الأوّل أولى: أنه لا يؤثر التخير مذهباً لنفسه، بل رأى ما ذكره الشافعي إحدى الخيرتين المذهبَ المجزوم، فإذا (?) احتمل كلام المزني هذا، فلا معنى لمخالفة النص، وليس للشافعي نص إلا التخيير، فمذهبه التخير إذاً.

هذا بيان مسالك الأصحاب في المسألة.

5497 - ولو أردنا أن نجمع ما ذكروه وننظمه أقوالاً، انتظم منه ثلاثةُ أقوال:

أحدها - أنه يتعين المسمى وأرشُ النقص.

والثاني - يتعين أجر المثل.

والثالث - أنه يتخير، كما سبق معنى التخيّر.

5498 - ومما يتعيّن الإحاطة به في ضبط المذهب، في هذا الأصل: أن من استأجر دابةً ليحملها مائة منٍّ من الحنطة، فحمّلها مائةً وخمسين، فالأجرة المسمّاة تثبت قولاً واحداً، ويجب في مقابلة الزيادة أجرةُ المثل، وليس هذا [من صور] (?) القولين؛ فإنه استوفى ما استحق، وزاد عليه، فثبت لاستيفائه الحكمُ اللائق، وثبت لما زاد الحكم الذي تقتضيه الزيادة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015