5487 - ولو عين القمحَ وشرَط أن لا يزرع غيرَ القمح، فقد ذكر العراقيون وجهين: أحدهما - أن الشرط يُفسد الإجارة، وهذا هو الظاهر؛ لأنه يتضمن احتكاماً على مستحِق المنفعة، وحَجْراً في التصرف، فهو كما لو قال: أجرتك هذه الأرض على أن لا تؤاجرها، وهذا لا شك مفسد، كما لو قال البائع بعتك عبدي هذا، على أن لا تبيعه.
والوجه الثاني - أن الشرط يلغو، والعقد يصح والمستأجر على خِيَرته، كما ذكرناه في الإجارة المطلقة. ووجه هذا: أن هذا التعيين ليس يتعلق بغرضٍ صحيح في الجانبين، اشتراطاً وقبولاً، وما كان كذلك، فهو حقيق بأن يلغى، وليس كذلك المنعُ من الإجارة؛ فإنه حجرٌ في الملك يتعلق بغرضٍ؛ إذ المكري ربما لا يثق بيد غير المستأجِر، ولا يؤثر أن تتداول الأيدي ملكَه، وهذا الذي يهواه على خلاف مقصود العقد ومقتضاه، فكان الشرط فاسداً مفسداً.
5488 - وذكر القاضي وجهاً ثالثأ لا يليق بمنصبه، وهو أن الشرط يصح (?)، ويتعيّن ما عيّن، وزعم أنه تلقّى هذا مما إذا نوى المتوضىء بوضوئه استباحةَ صلاةٍ بعينها، دون غيرها، فإن تيك الصلاة تتعين عند بعض أصحابنا.
وهذا ظاهر السقوط؛ فإن ذلك الوجه أولاً مما لا يليق بالفقيه (?) التفريعُ عليه، ولا ينبغي أن يزيد من له قدرٌ على تزييف ذلك الوجه، ثم العبادات والنيات بعيدةٌ عن المعاملات، وما فيها من الشرط الفاسد والصحيح.
5489 - ومقصود الفصل أن المستأجر إذا عيّن القمح، ثم زرع الذرة، فهو أولاً ممنوع عن ابتداء الزرع لما قدّمناه، فإن زرع قلع المالكُ زرعه، ولم يكن له أن يقول: اتركه إلى الحصاد، أغرَم لك ما يوجبه عليّ من مزيد، وكذلك لو قال: ليس يتبين ضرره في ابتداء النبات، فاتركه حتى ينتهي إلى توقّع الإضرار؛ فإن هذا أمرٌ لا ينضبط، فالزرع مقلوعٌ، ثم المالك يكلّفه القلعَ، وإذا أثر قلعُه في احتفار