وإن قضينا بصحة البيع، فالإجارة لا تنفسخ، ويجب الوفاء بها إلى انقضاء مُدتها، فإن أقدم المشتري على الشراء عالماً بأنها مستأجرة، فلا خيار له، وإن اطلع على ذلك بعد الشراء، فله خيار الفسخ.
ولو باع مالك الدار الدارَ من المستأجر، صح بلا خلاف، سواء قلنا: إن طريان الملك على الرقبة يوجب انفساخ الإجارة، أو قلنا: تبقى الإجارة. فأما إن حكمنا بانفساخ الإجارة، فقد زال المانع (?).
وإن حكمنا ببقائها، فسبب القطع بصحة البيع أن الحق لا يعدوهما، وإن كنا نمنع بيع المكري لمكان يد المكتري وتعذّر إزالة يده؛ فاليد فيما نحن فيه للمشتري، فإنه المكتري.
5112 - فإذا وضح الحكم بصحة البيع من المكتري، فنقول بعد ذلك: إذا صححنا البيع في صورة القولين، والمكتري غير المشتري، فلو فسخ المكتري الإجارة بسببٍ، فالدار تسلم إلى المشتري أم للبائع الاستمساكُ بمنافع الدار إلى انقضاء مدة الإجارة؟ فعلى وجهين: أحدهما - أن الدار تسلم إلى المشتري؛ فإن الحق في المنافع [كان] (?) للمكتري، وقد انقطع حقُّه، فصار كما لو اشترى داراً خليَّةً عن الإجارة.
والثاني - أن حق المنافع إلى تمام مدة الإجارة للبائع؛ فإن البيع ورَدَ والمنافعُ مستثناةٌ عن استحقاق المشتري، والردّ من المكتري على البائع، لا على المشتري، فيخلف البائعُ المكتري باستحقاق المنفعة.
5113 - وهذا الخلاف ينبني على مسألةٍ، وهي أن الرجل إذا باع داراً واستثنى سكناها سنةً، ففي صحة البيع على هذا الوجه وجهان: أحدهما - أنه يفسد؛ فإنه يخالف موضوعَ البيع؛ إذ مقتضاه أن يملك المشتري المنافعَ بملك الرقبة.
والثاني - أنه يصح وتبقى المنافع المستثناة للبائع.
قال الأئمة: اختلاف القول في صحة بيع الدار المكراة يؤخذ من هذا. فإن قلنا: