وليت شعري ماذا يقول ابن الحداد فيه إذا هدم المستأجر الدار المستأجرة، أو قتل العبدَ المستأجر، فهو المتسبب إلى انفساخ الإجارة قصداً، فقياس ابن الحداد أنه لا يسترد من الأجرة شيئاًً في مقابلة المدة المستقبلة. وهذا إن قال به في نهاية البعد.
5110 - ثم فرق ابن الحداد بين طريان الملك القهري، وبين طريان الملك على سبيل الاختيار، فحكم بأن الملك إذا كان قهرياً، وترتَّب عليه انفساخ الإجارة، فيثبت (?) حق استرداد الأجرة في المستقبل، بخلاف ما لو حصل الملك باختياره، واستشهد الأصحاب لما ذكره من الفصل بين القهر والاختيار بأصلٍ يناظر ما نحن فيه من النكاح، وهو أن من نكح أمةً، ثم ورثها قبل المسيس، وانفسخ النكاح، فلا يثبت من مهرها شيء، ولو اشترى زوجته قبل المسيس تشطّر المهرُ، كما لو طلّق قبل المسيس، فرقاً بين أن يختار سبب الفسخ، وبين أن يقع من غير اختياره.
وهذا التفريع من ابن الحداد والفرق (?) بين الملك القهري، وبين الملك الاختياري ساقط لا أصل له، ويلزمه بحسبه أن يقول: لو أتلف المستأجر [العين المستأجرة، لم يسترد من الأجرة شيئاًً، لمكان اختياره؛ بخلاف ما لو تلفت] (?) العين بنفسها، فإن (?) ارتكب ذلك طرداً لقياس مذهبه، رجع الكلام معه إلى إفساد أصل مذهبه، وإن سلم ذلك، لم يجد فصلاً.
هذا تمام البيان في طريان ملك الرقبة على مدة الإجارة.
5111 - ومما يتصل بما نحن فيه أن المالك إذا أجر الدار، ثم أراد بيعها، ففي بيع الدار المكراة قولان مشهوران، سيأتي ذكرهما، إن شاء الله تعالى، ولكنا نشير إليهما لغرضٍ لنا ناجزٍ في الفصل.
فإن قلنا: لا يصح البيع، فلا كلام.