لا يمتنع استثناء منافع الدار، فلا يمتنع بيع الدار المكراة، وإن قلنا: يمتنع استثناؤها، فيمتنع بيع الدار المكراة. وهذا الذي ذكره يقارب من طريق اللفظ، ولولا خبرٌ ورد في استثناء منافع المبيع، لما كان للاختلاف في استثناء المنافع وجه.
ولكن ورد خبرٌ (?) في جواز استثناء المنافع مدة يقع التوافق عليها، ومقتضى العقد في وضعه يخالف ذلك.
5114 - ولا نعرف خلافاًً أنه لو باع أشجاراً، لم تثمر بعدُ، واستثنى ثمار تلك السنة، أو ثمار سنين، فلا يصح الاستثناء، وملك الرقبة يقتضي للمشتري استحقاقَ المنافع، كما يقتضي له استحقاق الزوائد والفوائد، فالحكم بفساد الاستثناء لا ينافي إجراء القولين في صحة بيع العين المكراة؛ فإن استحقاق المنافع بالإجارة تقدم على جريان البيع، ولم يُبعد تنزيلَ البيع على الرقبة، وإن كان لا يتأتى تسليم الدار على الفور إلى المشتري، كما لو باع الرجل داراً مشحونةً [بالأمتعة] (?)، وكان لا يتأتى منه تفريغُها على الفور، ولو أقدم على التفريغ باذلاً جهده، لم يتأت إلا في مدة، فالبيع يصح؛ فإذاً القولان في بيع المكري لا يستدّ (?) أحدهما من مسألة الاستثناء لما نبهنا عليه.
فصل
5115 - الإجارة عندنا لا تفسخ بالمعاذير، إذا لم يثبت في العين المستأجرة ما يقتضي الفسخَ، خلافاًً لأبي حنيفة (?)، فإنه قال: تفسخ الإجارة بالمعاذير، فلو اكترى رجل حانوتاً ليحترف عليه، ثم بدا له الانتقالُ إلى سوقٍ آخر، فيفسخ به العقدَ، وكذلك إذا اكترى دابة للمسافرة، ثم انتقض عزمُه، فله الفسخ في تفصيلٍ لهم.
ونحن لا نرى الفسخَ بشيء من ذلك، وقد ألزمونا في أثناء الكلام مسألة مذهبية، لا بد من شرح القول فيها.