فإن قيل: ليس (1) الغصبُ المتخلل بين الجنايتين بمثابة قطع يد الجاني المتخلل بين الجنايتين؛ فإن العبد إذا جنى، فقطعت يده، فقد صادف القطعُ متعلَّق الجناية الأولى، ثم إنه بعد قطع يده أقدم على الجناية الثانية، فلم تصادف الجنايةُ الثانيةُ اليدَ من العبد الجاني، فيستحيل أن يكون لها تعلق بأرش اليد، وليس كذلك تخلل الغصب بين الجنايتين.
وربما عضد السائل السؤال بأن قال: جنى العبد الجناية الأولى، وقيمته ألفٌ، وجنى الجناية الثانية، وقيمته ألفٌ، ولا أثر للتقدم والتأخر في ازدحام الجنايات، ثم الألف المقسوم على الجنايتين لم يوفِّر حقَّ الجنايتين بكمالهما، فاختصاصُ المجني عليه الأول بالخمسمائة الأخيرة، كيف يتجه؟
وهذا السؤال فيه إشكال. والوجه الممكن في الانفصال عنه أن يقال: إن المجني عليه الأول يقول: كان حقي مستغرقاً لرقبة العبد، فلمّا غصبه الغاصب تعرض بغصبه لضمان حقي، وهو الألف، فلما جنى جنايةً في يد الغاصب وأُخذ الألفُ، وقُسّم بيننا، فالخمسمائة التي توجهت بها الطَّلِبة، إنما تثبت لأن المجني عليه الثاني أخذ من الألف الأول نصفه، فلم تسلم الألفُ الداخل في ضمان الغاصب، فإذا غرِم الخمسمائة، كانت تتمة الألف الداخل في ضمانه لما غصب، وذلك الألف مستحق للمجني عليه الأول، فليصرف إليه.
هذا منتهى الإمكان في الانفصال.
وفي الإشكال بقية، وذلك أنا نقول: لا مطمع في فضّ الخمسمائة عليهما؛ فإن هذا يجر محالاً لا يستأصل، ولا سبيل إلى قطعه، وذلك أنا لو قسمناها، لرجع المالك بما يخص المجني عليه في حالة الغصب، ثم كان يفضّ ذلك ثالثاً، ويقتضي رجوعاً، ويدور الأمر إلى غير منقطعٍ.
وربّما توجه الإشكال من وجهٍ آخر، وهو أن يقال للمجني عليه الأوّل: كنتَ على استحقاق ألفِ لو انفردتَ، فإذا جرت الجناية الثانية، فقد زوحمتَ في الألف، بناءً على أن المستأخر من الجناية كالمتقدم. وإذا [ازدحمتما] (?) في الألف، فالخمسمائة